لماذا يدافع المحامون عن المجرمين؟

س1 : لماذا يدافع المحامون عن المجرمين؟

ج1: يعتبر هذا السؤال هو الأكثر تساؤلاً من عوام الناس بمختلف الصيغ التي تحمل في طياتها أحيانا بعضا من مشاعر الاستنكار و من ثم فقد وجبت منا الإجابة على هذا التساؤل حتى نضع الأمور في نصابها الصحيح و ذلك في عدة نقاط.

1-من المتصور لعوام الناس بأن أهلية المتهم أو المتهم يتوجه إلى محاميه و يخبره بشكل صريح بأنه قد قام بالاعتداء على المجني عليه أو أنه قد قام فعلا بسرقته أو بالنصب عليه, و لكن هذا نادر الحدوث لأن المتهم دائما ما يرتدي رداء البراءة أو يخلق مخرجا لنفسه بأنه قد قام بالاعتداء على المجني عليه لوجود خلافات سابقة , أو أن فعله كان مجرد رد فعل لفعل سابق أو أنه كان ينتصر لنفسه و لكرامته أو غيرها من الأعذار و الحجج .

2-بالنسبة للجرائم التي ترصدها الكاميرات و التي تتحول فيما بعد إلى قضايا تشغل الرأي العام, فدائما ما يكون للحقيقة وجه آخر غير معلن على صفحات التواصل الإجتماعي , فمثلا قد تجد في أحد مقاطع الفيديو شخصا يعتدي على آخر يظهر بمظهر البريء و لكن يكون هناك سلسلة من الاعتداءات من قبل المجني عليه نفسه و التي لم ترصدها العدسات أو تتناقلها الهواتف , فدائما ما يكون للحقيقة وجه آخر أو دافع لا يظهر سوى للمحامي و للمحقق و لجهة التحري.

3-كثيرا ما يقوم المحامي بالدفاع عن المتهم الذي قد ارتكب الفعل الإجرامي بالفعل و لكن عندما قام مأمور الضبط القضائي بالقبض على المتهم لم يراعي في ذلك القوانين أو أنتهك قانون الإجراءات الجنائية بشكل خاص , فهنا يقتصر الدور الدفاعي للمحامي على الدفاع عن القانون ذاته و ليس شخص المتهم , و بالمناسبة فالقاضي نفسه عندما يحكم ببراءة المتهم يكون على هذا الأساس ( براءة المتهم لبطلان إذن النيابة العامة وما تلاها من إجراءات ) فهنا القاضي يحكم ببراءة المتهم من فعل إجرامي ارتكبه المتهم بالفعل و لكن لم يتم مراعاة الضوابط القانونية في القبض على المتهم ذاته , فهنا القانون يكون قد غلّب مصلحة المجتمع ( وهي إحترام القانونين ) على مصلحة حبس المتهم , فهنا المحامي يقوم بالمطالبة بتطبيق القانون على المتهم و ليس أكثر , وذلك حتى لا تكون مصائر الناس متروكة لأهواء رجال الضبط القضائي دون رقيب أو رادع.

4-كل محامي يعلم أن الله –جلّ وعلى – رقيبا عليه في عمله شأنه شأن باقي الناس , فكل منّا يختار الطريق الذي يسلكه و يختار منتهى هذا الطريق.

س2 : لماذا المحاماه رسالة نبيلة ؟

ج2: كل صاحب مهنة أو صاحب حرفة أو وظيفة دائما ما يجد أن العمل الذي يقوم به هو الأعلى منزلة و الأكثر نبلاً من أي عمل آخر , و لكن نحن نرى أن كل عمل و كل مهنة لا يمكن أن تكون أكثر نبلاً من أي عمل أو مهنة أخرى و ذلك لعدة أسباب من بينها:

1-أنه لا يُتصور أن يقوم مجتمع على مهنة واحدة.

2-أنه أصحاب المهن والحرف المختلفة لا يمكنهم الاستغناء عن بعضهم البعض في حياتهم اليومية.

3-أن النفس البشرية تتكون من عدة جوانب سواء ديني أو تعليمي أو صحي أو مادي أو غذائي و كل جانب من هذه الجوانب يدعمه مجموعة من الأعمال والحرف , و أنه إذا سقط أحد تلك الجوانب سقطت معه النفس البشرية إلى هاوية الهلاك.

و انطلاقا من هنا فإننا –كمحامين- نجيب على هذا التساؤل "لماذا مهنة المحاماة مهنة نبيلة ؟ " في عدة نقاط و هي:

1-لا شك بأن مهنة المحاماة هي مهنة الأنبياء فنجد أبرز هؤلاء المحامين كان سيدنا موسى عليه السلام الذي قد أرسله الله تعالى للدفاع –بالقول- عن بني إسرائيل بعد أن أستضعفهم فرعون و نكل بهم , حتى أن دور الأنبياء يوم القيامة يقتصر في الشفاعة لأقوامهم , و الشفاعة هي دور المحامي في الأرض.

2-في عصرنا الحديث فإن كل عمل تراه بعينك يكون وراءه محامي .

3-كل جانب شخصي في حياة الفرد يكون وراءه –محامي أحوال شخصية – بداية من ميلاد مرورا بالزواج و حتى وفاة الشخص.

4-أحد أعظم الأمور التي تميز مهنة المحاماة عن نظائرها من المهن هي أن في المحاماة رسالة لا يشعر بها سوى المحامي نفسه و هي الدفاع عن شخص ما أو إنجاز أحد الأمور لصالحه سواء بتأسيس شركة تكون مصدر دخل له و لأسرته و لأسر العاملين بها مستقبلاً أو بالانتصار في دعوى مدنية و رد الحقوق لأصحابها , فطالما يكون المحامي بطلاً لا يعلمه سوى صاحب المشكلة و أسرته و أحفاده من بعد , فوراء كل انتصار محامي سهر الليالي للدفاع عن موكله او صد اعتداء عليه أو جلب له مصلحة, فدائما المحامي هو بطل القصة و هو فارس الحقيقة وحامل لوائها.

س3: لماذا تحلم بأن تكون محامي ؟

ج3:نحيل في الإجابة على هذا السؤال للإجابة السابقة و نضيف إليها سؤال إجابته هي إجابة السؤالين معاً " هل سألت نفسك لماذا روب المحاماة يعلوه شالاً أسود في نهايته فراء (فرو) أبيض اللون ؟ "

الإجابة : بأن هذا الفراء الأبيض هو النور الذي يكون في منتهى طريق الظلام و التيه والتخبط , فالمحامي هو هذا النور الذي تنتهي به رحلة الظلم و المتاعب , و لعلك كقارئ لم تمر يوما – و نسأل الله بألا تمر بهذا اليوم – بظلم أو إتهام يلقي بك في غيابة و ظلام محبس و يتركك أهلك وحدك كما يترك المتوفى أهله في ظلام القبر , و الذي لا يتمنى سوى دعوة تنجيه فالمحامي هنا يكون هذه الدعوة و الدعوى للمظلوم التي تنجيه من هذا الظلام , حتى أن المتهم عندما يقف وحيداً في أروقة المحكمة فلا يجد سوى رفيقاً في انتظاره و هو المحامي الذي يدخل معه لوكيل النائب العام "جهة التحقيق" لضمان التحقيق معه بشكل قانوني و ليطلب إخلاء سبيله و ختاماً فإن المتهم عندما يقف في قفص الإتهام يكون محاميه هو رفيقه الوحيد في قاعة المحاكمة و الذي لم يأتي لقاعة المحكمة ليشاهد شأنه شأن باقي الحاضرين , و لكن ليكون هو اللسان الوحيد في قاعة المحكمة الذي يصيح ببرائته ليعود إلى أهله سالماً غانماً أو حتى ينادي لينتصر صاحب الحق إذا كان ممثلاً للمجني عليه.

 

بقلم المستشار/ محمد رفيق إبراهيم

Contact us on whats app